د. فيصل غرايبة
يسر الأردنيون عامة، ويغبط المادبويون خاصة، بأن تنتخب مدينة «مأدبا» عاصمة للسياحة العربية لعام 2022، وفقا لمعايير المنظمة العربية للسياحة، ويسرون بالسعي لجعلها مركزا للتراث الحضاري والديني وموطن الفسيفساء والحرف اليدوية في المملكة، ومادبا أو مأدبا العزيزة على الأردنيين جميعا، تبعد 33 كيلومترًا عن العاصمة عمّان، وفي الجنوب الغربي منها، وترتفع عن مستوى سطح البحر بحوالي 770 مترًا، بلغ عدد سكانها في عام 2015 حوالي 105,353 نسمة، حيث تُعتبر سابع أكبر مدينة في المملكة.
أسس المؤابيّون هذه المدينة في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، ويقع في محيطها الكثير من المواقع الأثريّة والأماكن المقدسة/ مواقع الحج المسيحي كالمغطس وجبل نيبو ومكاور وأم الرصاص، مما جعلها مقصدًا للسيّاح، وكانت أهم مركز للحياة المسيحية في شرق الأردن، حيث تم ذكرها في الإنجيل، إلا أنها تعرضت للدمار نتيجة للزلزال العنيف عام 749، ولكن القبائل العربية المسيحية من منطقة الكرك أعادت إحياءها واستوطنتها ابتداءً من عام 1880.
اشتهرت مادبا كثيرًا بالفسيفساء، وفيها إرث خاص في أزقتها وكنائسها البيزنطيّة القديمة ومساجدها وعمارتها الفريدة. كما تحوي المعهد الوحيد في العالم لتعليم هذا الفن، حتى سُميت بمدينة الفسيفساء. وتُعد خارطتها من أهم الآثار الفسيفسائية في المدينة. ومن جهة أخرى تم تأسيس أول مجلس بلدي للمدينة في عام 1912، ويمثل اليوم بلدية مادبا الكبرى، التي تقع ضمن حدودها خمس مناطق ممتدة على 54 كيلومترًا مربعًا.
ورد اسم مادبا وجوارها في العديد من الكتابات التاريخيّة القديمة، والكتب السماوية، كالتوراة والإنجيل والأسفار. وجاء فيها اسم «ميداب» و«حشبون» (حسبان) و«ذيبون» (ذيبان) وجبل نيبو و«بعل معون» (ماعين) ومكاور ووادي الوالة، وغيرها من المواقع المهمّة، إضافة إلى النقوش والشواهد الأثريّة العديدة، يُستدل منها أن المدينة كانت إحدى المدن العامرة في الأزمان القديمة، ولها تاريخ يعود إلى حضارة المؤابيين.
كانت مادبا إحدى محطات طريق الملوك الذي يربط مصر ببلاد الشام، ومن أشهر المحطات في العصر المملوكي، وقريبة من محطات حسبان وذيبان وزيزيا. ظلت أهميتها متواضعة حتى قدوم عشائر مسيحيّة من الكرك 1880، فأحيوها من جديد. وشيدوا فيها عددا من المباني أهمها دار السرايا العثمانية 1896 ودير اللاتين1883، وكنيسة القديس جاورجيوس 1896، ومسجد الملك حسين 2007، كما تضم مادبا عدة متاحف تحكي تاريخها، كمتحف مادبا الأثري ومتحف الحكاية التراثي/جبل نيبو ومتنزه مادبا الأثري. وقد زارها ثلاثة من البابوات، حجوّا إلى موقع مغطس المسيح، وهم البابا جون بول الثاني 2000، والبابا بنديكتوس السادس 2009، والبابا فرنسيس 2014. بينما تم افتتاح الجامعة الأميركية في مادبا عام 2011، وأسست بقربها الجامعة الألمانية الأردنية عام 2005، وهي وجوارها تضم عدة مراكز ثقافيّة بلغت 18 مركزًا وهيئة.
مع مزيد من السطوع لهذه النجمة الأردنية المعطاءة..
[email protected]